بسبب إقحام المغرب وإسرائيل.. الإعلام الفرنسي يتوقع ارتفاع منحى التوتر الدبلوماسي بين الإمارات والجزائر إلى مستوى "أكثر عدائية"
تتجه العلاقة بين الجزائر والإمارات العربية المتحدة إلى مزيد من التأزم، وفق ما أفادت به مصادر إعلامية فرنسة، أكدت أن جميع المؤشرات تصب في اتخاذها منحى "أكثر عدائية" في القادم من الأسابيع، سيّما في ظل استمرار الانتقادات الإعلامية التي تقودها السلطات الجزائرية ضد أبو ظبي، وتعمّدها إقحام المغرب وإسرائيل في هذا التوتر.
وترى إذاعة فرنسا الدولي (RFI)، أن الأزمة الصامتة التي تشهدها العلاقة بين الجزائر وأبو ظبي منذ 2021، اتخذت منحى "أكثر عدائية" منذ الصيف الماضي، وقابلة لمزيد من التوتر في القادم من الأيام، بعدما عمدت وسائل إعلام مقربة من دوائر القرار في الجزائر، وبدون سابق إنذار، إلى صب الزيت على النار في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد أن فرضت الإمارات عقوبات على شخصيات جزائرية اعتبرتها معادية، رافضة منحهم تأشيرات الولوج إلى أراضيها.
وأشار المصدر ذاته، إلى أن الإمارات تتهم صناع القرار بقصر المرادية، بمعاداة مصالحها في شمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، بينما تتهم الجزائر من جانبها، أبو ظبي بالعمل والتنسيق مع إسرائيل والمغرب من أجل "زعزعة أمنها القومي"، وتؤكد عبر الوسائل الإعلامية المحلية الناطقة باسمها والمقربة من دوائر الحكم أن أبو ظبي "تعمل خلف الكواليس ضد مصالح الجزائر".
وبلغ هذا التوتر أشده وفق الصحيفة ذاتها، بعدما صوتت الإمارات بشكل مفاجئ، ضد ترشيح الجزائر لعضوية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فيما اتهم قصر "المرادية" عبر إعلامه أبو ظبي بمحاولة استمالة الهند أيضًا للتصويت ضد انضمام الجزائر إلى "البريكس".
ومؤخرا، اتهمت الإذاعة الوطنية الجزائرية الإمارات بتمويل المغرب بما يصل إلى 15 مليون دولار لتقويض علاقاته مع دول الساحل المجاورة، كما أنه وفي الشهر الماضي، كانت لويزا حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، هي التي أعلنت بعد اجتماعها مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أنها "على علم بهذه المناورات"، وفق الإذاعة الفرنسية دائما.
وتشير الإذاعة، إلى أن القضايا الإقليمية والجيوسياسية، تُشكل أيضا محور تعارض وخلاف كبير بين البلدين، فالجزائر أقرب إلى محور تركيا وقطر وإيران بينما الإمارات حليفة لإسرائيل والمغرب، كما أنه وفيما يتعلق بالقضية الليبية، فإن البلدين على خلاف أيضًا. أبو ظبي تدعم المشير حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، بينما الجزائر تدعم السلطة في طرابلس.
وتبقى علاقات الجزائر مع الإمارات التي استثناها تبون من زيارته لدول الخليج قبل عام هي الأسوأ إقليميا رغم أن الحكومتين لم تُقرا بذلك حتى الآن رسميا في وقت بقيت العلاقات الاقتصادية والتجارية في منأى عن الخلاف، بيد أن غياب الزيارات والاتصالات الرسمية المتبادلة المعدودة خير دليل على أن الأمور ليست على ما يرام.
وإلى جانب كون الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من بين القادة العرب الذين لم يحضروا قمة الجامعة العربية التي استضافتها الجزائر في نونبر 2022، فقد طفت مؤشرات الأزمة الحادة "الصامتة" على واجهة التقارير الإعلامية الجزائرية، التي زعمت في يونيو الماضي أن أبو ظبي صوتت ضد قبول ترشيح الجزائر للانضمام إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كعضو غير دائم.
وفي وقت لاحق من الشهر نفسه، أفادت قناة النهار التلفزيونية الخاصة أن وزارة الخارجية الجزائرية منحت السفير الإماراتي 48 ساعة لمغادرة البلاد، كما ادعت الصحيفة أن الجزائر اعتقلت "أربعة جواسيس إماراتيين يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي"، قبل أن تسارع وزارة الخارجية الجزائرية إلى إصدار بيان نفت فيه بشكل قاطع ما وصفته بالادعاءات "الخاطئة والكاذبة" بشأن السفير الإماراتي، وفي نهاية المطاف، يبدو أن وزير الاتصال محمد بوسليماني حُمّل مسؤولية الحادث، حيث قام الرئيس تبون بإقالته بعد ساعات فقط من ظهور الخبر.
المغرب بدوره، أقحم في هذه الحرب الإعلامية بين البلدين حيث اتهمت الصحافة الجزائرية المقربة من دوائر الحكم، الإمارات بالتآمر على بلدهم وتزويد المغرب بمعدات تجسس، وهو ما يراه الخبير في العلاقات الدولية عبد النبي جسوس، "طبيعيا" بالنظر إلى التقارب المغربي الإماراتي الذي يزعج قصر المرادية، ويحول دون تحقيق توافق كلي بينه ودول الخليج التي تدعم مغربية الصحراء وترفض قطعا المساس بسيادة المملكة على أراضيها ودعم الطرح الانفصالي.
الخبير في العلاقات الدولية، وفي حديثه لـ "الصحيفة" ذكّر بموقف مجلس التعاون الخليجي المنتصر لمبادرة الحكم الذاتي والوحدة الترابية للمغرب، والرافض لكل خطوات العداء التي ينهجها النظام العسكري الجزائري ضد المملكة، معتبرا أنها واحدة من العراقيل الكبرى التي اصطدمت بها الجزائر في الفترة السابقة وهي تُحاول تطبيع علاقاتها مع التكتل الإقليمي.
وأشار المتحدث، إلى أن النقط الخلافية سياسيا بين الجزائر ودول الخليج عموما وفي مقدّمتها الإمارات، سواء في الشق المرتبط بالملفات الإقليمية، أو التحالفات الدولية والمشاريع الجيواستراتيجية، أكبر من النقط المشتركة خلافا للمغرب، الذي يُشاركهم كل ما سبق، فضلا عن التحالفات مع الدول الغربية وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وليس محور روسيا على غرار الجزائر التي تقف على طرفي نقيض.
وإلى جانب، الدعم الكبير الذي تُبديه الدول الخليجية لمغربية الصحراء، والذي والذي أكدته أبوظبي من خلال افتتاح قنصلية لها في مدينة العيون، يرى الخبير في العلاقات الدولية، أن نظام الحكم والعلاقات العائلية الوطيدة بين القصر الملكي المغربي، وقادة الدول الأعضاء وفي مقدمتها السعودية والإمارات العربية المتحدة التي تضع الرباط في نادي الممالك العربية، يجعل الأفضلية دائما للمغرب.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :